نشر الدكتور محمد حمدان الذي يعمل مدرساً مساعداً في قسم اللغة الإنجليزية وآدابها في جامعة النجاح الوطنية بحثاً  جديداً بعنوان "كل حيوانٍ منويٍ مقدس: السجناء الفلسطينيون والنطف المهرّبة ونبوءة جاك دريدا" في المجلة العالمية للدراسات الشرق أوسطية التي تديرها جامعة كامبريدج في المملكة المتحدة، وهي مجلة عالمية مرموقة ذات معامل تأثير عالٍ في مجال العلوم الشرق أوسطية.


ينصب هذا البحث بشكل عام على دراسة أشكال المقاومة الحديثة التي يتبعها السجناء الفلسطينييون ذو الأحكام المؤبدة وكذلك دراسة الثقافة المادية للمقاومة التي تطورت داخل السجون "الإسرائيلية" منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا. يستفيد هذا البحث من كتابات الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا – صاحب المدرسة التفكيكية في الفلسفة – في كتابه البطاقة البريدية: من سقراط إلى فرويد وما بعد ذلك في بلورة مفهوم الإنتاج والصراع بين الحضور والغياب أو الحياة والموت في وقت يسعى فيه السجناء لإثبات وجودهم من خلال الإنجاب وتصدير الأطفال إلى خارج السجون التي لطالما كانت مراكز دائمة لقمع المقاومين بطرقٍ شتى وأهمها عزلهم عن ساحة النضال الفلسطيني التي يشكل الصراع الديمغرافي جزءاً أساسياً منها.

يناقش د. حمدان في الجزء الأول من بحثه فكرة الصراع الفلسطيني "الإسرائيلي" وتطور الجسد الفلسطيني عبر التاريخ كأداة لمقاومة الممارسات الصهيونية وكان آخرها صراع السجين مع السجان وظهور المقاومة البيوتكنولوجية التي يقوم فيها الأسير بتهريب نطفه إلى زوجته خارج السجن والتي تقوم بدورها بعملية التلقيح المخبري وبالتالي إنجاب الأطفال الذين أصبحوا يشكلون رمزاً وطنياً يطلق عليه استعارةً "سفراء الحرية". يتحدث د. حمدان كذلك عن تغيرات النوع الإجتماعي المصاحبة لهذه الظاهرة والتي جعلت من المرأة الفلسطينية عضواً فاعلاً في ثقافة المقاومة البيوتكنولوجية وفي كتابة التاريخ الذي لطالما احكتره الرجال في المجتمع الفلسطيني التقليدي منذ عام 1948 وقبل ذلك. وهنا يستفيد الباحث من نظريات الناقد دريدا الذي يشير دائما في كتاباته وخصوصاً في نصه في الجراماتولوجيا عن الصراع بين منطق الأضداد كالرجل والمرأة والكلام والكتابة والثقافة والطبيعة في فهم التغيرات التي تطرأ على مكانة المرأة المقاومة في المجتمع الفلسطيني من خلال ظهور الكتابات الأنثوية التي بدأت تعطي التاريخ الفلسطيني طابعاً نصياً على عكس الرواية الذكورية الشفوية.


عدد القراءات: 219